وهذا هو عنصرنا الثانى بإيجاز: أخلاق الإسلام:
وأنا لن أتكلم عن أخلاق الإسلام بين المسلمين لا أتكلم عن أخلاقه العملية ولا عن أخلاقة التعبدية ولا عن أخلاقه الطبيعية، ولا عن أخلاقه مع أفراده بين المسلمين بل أتكلم عن أخلاق الإسلام مع غير المسلمين، تعلمون جميعاً أن اليهود ما ذاقوا طعم الأمن والأستقرار إلا فى ظل الإسلام، وما تعرض اليهود للأذى إلا يوم أن نقض اليهود العهود مع النبى فى المدينة، وما عرف الصليبيون والنصارى الأمن والسلام إلا فى خلال الإسلام.
اقرؤوا بنود العهدة العمرية التى منحها عمر بن الخطاب لأهل إيليا لأهل بيت المقدس يوم أن جاء من المدينة، ليتسلم مفاتيح بين المقدس.
أعطاهم عهداً بالإمان على أنفسهم وأموالهم وكنائسهم، ومن أراد أن يخرج منهم من أرض إيليا فلابد أن يعطى الأمان حتى يبلغ مأمنه، ومن أراد منهم أن يبقى فى الأرض لا يؤخذ منه شئ من المال حتى يحصل خراجه.
هذا هو الإسلام، وفى صحيح مسلم قال حذيفة بن اليمان- رضى الله عنه- : ما منعنى أن أشهد بدراً مع رسول الله أنا وأبى حسيل رضى الله عنه إلا أننا خرجنا فأخذنا المشركون فقالوا لنا: أتريدون محمداً؟ قلنا: لا بل نريد المدينة، فأخذ المشركون علينا عهد الله وميثاقه أن ننصرف إلى المدينة ولا نقاتل مع رسول الله ، فقال حذيفة: وانطلقت أنا وابى حسيل إلى رسول الله فأخبرناه بما قاله لنا المشركون، وبما قلنا نحن للمشركين اسمع ماذا قال رسول الله فى حال حرب قال لحذيفة وأبى حسيل:" انصرفا- أى لا تشهدا معنا المعركة- - نفى لهم بعهدهم، ونستعين بالله عليهم". ( ) . ائتونى بأبلغ أهل الأرض يجسد هذا الوفاء، هذا ديننا هذه أخلاق نبينا فالمسلم له عندنا معاملة، والجانى له عندنا معاملة، والعدو له عندنا معاملة، والحبيب والقريب له عندنا معاملة.
لقد وضع الإسلام القواعد والضوابط كلها وبين كل شئ:أنصرفا – فى حال حرب- نفى لهم بعهدهم ونستعين بالله عليهم".