إن من توصل إلى التفكر بها سيخلص إلى نتائج حاسمة. فلو سئل معظم
الناس بشكل مفاجئ: بماذا تفكرون في هذه اللحظة ؟ سوف يظهر بوضوح إنهم يفكرون بأمور ليست ذات بال ولا تعود عليهم
بالنفع . وعلى كل حال، فإن كل إنسان يمكن أن يتفكر بحكمة في أمور مهمة وذات قيمة ومعنى ويتدبرها ويخلص إلى نتائج
من وراء ذلك.
ويعلمنا القرآن الكريم أن من صفات المؤمنين أنهم يتفكرون ويتدبرون ليخلصوا إلى النتائج التي تعود بالنفع عليهم.
{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ
وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}... (آل عمران: 190-191)
فكما تخبرنا الآيتان الكريمتان فإن تفكر المؤمنين مكّنهم من رؤية جانب الإعجاز في الخلق وتمجيد حكمة الله وعلمه وقدرته.
-----------
إخلاص النية لله عند التفكر
من أجل أن يعود التفكر بالنفع على الإنسان ويهديه إلى جادة الحق، يجب عليه أن يفكر دائماً بطريقة إيجابية.
هناك فرق كبير بين من ينظر إلى شخص حباه الله بحسن الهيئة من منظار عقدة النقص الناشئة عن عدم التكافؤ في المظهر
الخارجي بينهما، فيشعر بالغيرة ويؤدي به تفكره إلى ما لا يرضي الله، وبين من يسعى إلى مرضاة الله فينظر إلى هذا
الشخص على أنه جمال من خلق الله، ويعتبر حسن هيئته برهاناً على كمال الله في خلقه، فيشعر بسعادة غامرة ويدعو الله
أن يزيد هذا الإنسان جمالاً في الآخرة، كما يدعو لنفسه أن يرزقه الله الجمال الأبدي في دار الخلود، ويفهم أن الإنسان لا
يمكن أن يكون كاملاً في الحياة الدنيا، لأن حياتنا هذه خلقت غير كاملة كجزء من ابتلائنا فيها، وبذلك كله يزيد توقه
وتطلعه إلى الفوز بالجنة.
وهذا كله مثال واحد على الإخلاص في التفكر، ولسوف يعرض للإنسان الكثير من الأمثلة المشابهة في حياته، خاصة وأنه
في امتحان دائم ليرى ان كان سيسلك سلوكاً حسناً ويفكر بأسلوب يرضي الله.
إن نجاح الإنسان في امتحان التفكر، وكون التفكر سيعود عليه بالنفع في الآخرة يعتمد على التدبر والاعتبار من الدروس
والتحذيرات التي يستخلصها أثناء تفكره، ولذلك فإن من الضرورة بمكان أن يتفكر الإنسان بصدق دائماً.
قال تعالى: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلاَّ مَن يُنِيبُ}... (غافر : 13).