مفسدات القلب الخمسة
مواضيع دينية
المفســـــد الأول من مفسدات القلب كثــرة المخـالطـــة
فأما ماتؤثره كثرة الخلطة : فامتلاء القلب من دخان أنفاس بني آدم حتي يسود , ويوجب له تشتتاً وتفرقاً وهما وغما وضعفا وحملا لما يعجز عن حمله من مؤنة قرناء السوء وإضاعة مصالحه والاشتغال عنها بهم وبأمورهم وتقسم فكره فى أودية مطالبهم وإراداتهم . فماذا يبقى منه لله والدار الآخرة ؟
هذا , وكم جلبت خلطة الناس من نقمة وأنزلت من محنة وعطلت من منحة وأحلت من رزية وأوقعت فى بلية وهل آفة الناس إلا الناس ؟
" ويوم يعض الظالم على يديه يقول يليتني اتخذت مع الرسول سبيلايويلتى ليتنى لم أتخذ فلانا خليلا لقد أضلنى عن الذكر بعد إذ جاءنى " سورة الفرقان الآيات: 27-29
وقال تعالى :
" الأخلاء يومئِذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين " سورة الزخرف الآيه67
المفســد الثاني من مفسدات القلب ركوبه بحر التمني
وهو بحر لا ساحل له وهو البحر الذى يركبه مفاليس العالم كما قيل : إن المنى رأس أموال المفاليس. فلا تزال أمواج الأمانى الكاذبة والخيالات الباطلة تتلاعب براكبه كما تتلاعب الكلاب بالجيفة وهى بضاعة كل نفس مهينة خسيسة سفلية. ليست لها همة تنال بها الحقائق الخارجية. بل اعتاضت عنها بالأماني الذهنية . وكل بحسب حاله : من متمن للقدرة والسلطان وللضرب فى الأرض والتطواف فى البلدان أو للأموال والأثمان أو للنسوان والمردان فيمثل المتمني صورة مطلوبه فى نفسه وقد فاز بوصولها والتـَذ بالظفر بها فبينما هو على هذا الحال إذ استيقظ فإذا يده والحصير !!
وصاحب الهمة العلية أمانيه حائمة حول العلم والإيمان والعمل الذي يقربه إلى الله ويدنيه من جواره فأماني هذا إيمان ونور وحكمة وأمانى أولئك خدع وغرور.
وقد مدح النبى صلى الله عليه وسلم متمني الخير وربما جعل أجره في بعض الأشياء كأجر فاعله.
المفسد الثالث من مفسدات القلب التعلق بغيرالله تبارك وتعالى
وهذا أعظم مفسداته على الإطلاق . فليس عليه أضر من ذلك ولا أقطع له عن مصالحه وسعادته منه فإنه إذا تعلق بغير الله وكله الله إلى ما تعلق به وخذله من جهة ما تعلق به وفاته تحصيل مقصوده من الله عز وجل بتعلقه بغيره والتفاته إلى سواه فلا على نصيبه من الله حصل ولا إلى ما أمله ممن تعلق به وصل .
قال الله تعالى: " واتخذوا من دون الله ءالهة ليكونوا لهم عزا كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونوا عليهم ضدا "
مريم من الآيه 81 : 82
وقال تعالى : " واتخذوا من دون الله ءالهة لعلهم ينصرون لا يستطيعون نصرهم وهم لهم جند محضرون " يس الآيه 74 : 75
المفسد الرابع من مفسدات القلب الطعام
والمفسد له من ذلك نوعان :
أحدهما : ما يفسده لعينه وذاته كالمحرمات
وهى نوعان :
محرمات لحق الله : كالميته والدم ولحم الخنزير وذى الناب من السباع والمخلب من الطير.
ومحرمات لحق العباد : كالمسروق والمغصوب والمنهوب وما أخذ بغير رضى من صاحبه إما قهر وإما حياء وتذمما.
الثانى : ما يفسده بقدره وتعدى حده كالإسراف في الحلال والشبع المفرط فإنه يثقله عن الطاعات ويشغله بمزاولة مؤنة البطنة ومحاولتها حتى يظفر بها فإذا ظفر بها شغله بمزاولة تصرفها ووقاية ضررها والتأذي بثقلها وقوى عليه مواد الشهوة وطرق مجاري الشيطان وسعها فإنه يجرى من ابن آدم مجرى الدم فالصوم يضيق مجاريه ويسد طرقه والشبع يطرقها ويوسعها ومن أكل كثيرا شرب كثيرا فنام كثيرا فخسر كثيرا وفي الحديث المشهور :
" ما ملأ آدمي وعاء شر من بطنه بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن كان لا بد فاعلا فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه ".
الترمزي وأحمد و الحاكم وصححه الألباني .
المفسد الخامس من مفسدات القلب كثر ة النوم
فإنه يميت القلب ويثقل البدن ويضيع الوقت ويورث كثرة الغفلة والكسل ومنه المكروه جدا ومنه الضارغير النافع للبدن وأنفع النوم : ما كان عند شدة الحاجة إليه ونوم أول الليل أحمد وأنفع من آخره ونوم وسط النهار أنف من طرفيه وكلما قرب النوم من الطرفين قل نفعه وكثر ضرره ولا سيما نوم العصر والنوم أول النهار إلا لسهران.
ومن المكروه عندهم : النوم بين صلاة الصبح وطلوع الشمس فإنه وقت غنيمة وللسير ذلك الوقت عند السالكين مزية عظيمة حتى لو ساروا طول ليلهم لم يسمحوا بالقعود عن السير ذلك الوقت حتى تطلع الشمس فإنه أول النهار ومفتاحه ووقت نزول الأرزاق وحصول القسم وحلول البركة ومنه ينشأ النهار وينسحب حكم جميعه على حكم تلك الحِصةِ فينبغي أن يكون نومها كنوم المضطر .